ظاهرة التسيب الوظيفي

حنان محمد فارع

ظاهرة التسيب الوظيفي

إلى متى ؟!هل جربت أن تقضي يوماً واحداً في إحدى قطاعات العمل الحكومية ونقل صورة حيّة حقيقية توضح مدى تفاني موظف الدولة في أداء واجبه الوظيفي على الوجه المطلوب ؟! وقتها لا يسعك إلا رؤية ما يثير في نفسك العجب كل العجب ، وما وصل إليه الاستهتار والوقوع في براثن خيانة الأمانة والتقاعس في تأدية الواجب الوظيفي كما ينبغي أن يكون ، أكثر من نصفي موظفي الدولة غير ملتزمين بأداء أماناتهم ، هناك من تسول له نفسه العبث والإخلال بواجبات وظيفته والاستهانة بحقوق الوطن والمواطن مما يسبب ضرراً مادياً جسيماً . للأمانة مكانة باعتبارها أهم المبادئ التي يرتكز عليها الإسلام ، فهي ما يجب حفظه وتأديته إلى أهله لتكون ذمم الناس بريئة من الشبهات على الدوام ، وإعطاء كلّ ذي حق حقه وتوظيف الوقت والجهد لأداء الرسالة العبادات أمانة ، والأبناء أمانة ، الأموال أمانة ، الكلمة أمانة ، والوظيفة أمانة .كل موظف صغرت أو كبرت درجته الوظيفية ومدى خدمته لمصالح الناس يتطلب أن يعي المفهوم الشامل لكلمة الأمانة وتطبيقها والالتزام بحقوقها وواجباتها ، ويضع نصب عينيه ضرورة التحلي بها قولاً وفعلاً ومحاسبة النفس وتهذيبها والتجرد من السلوك الخاص ليصبح الشخص المناسب في العمل المناسب، إتقان وكفاءة وأداء متميز .إلمام الموظف بالمهام الوظيفية نابع من ضميره وإحساسه بالمسؤولية والأمانة الملقاة على عاتقه تجاه الوطن وأدائها بدقة ونزاهة وإخلاص متحلياًَ بالأخلاق الفاضلة والصبر في التعامل مع مصالح الناس .الصورة الأكثر واقعية وشيوعاً لموظفي مرافق الدولة في بلادنا - حدث ولا حرج - ما نراه من تكاسل وتراخٍ عن أداء المهام الوظيفية وفقدان الإحساس بالمسؤولية العامة ، فمن تلك الممارسات السلبية المخلة بالأمانة :- تحت غطاء إنجاز المهمة الخارجية يخرج الموظف في مهمة عمل لا يعود بعد إنجازها ويستهلك بقية الدوام خارج العمل .- استعمال أدوات العمل والتجهيزات والآليات الخاصة بالعمل لأغراض شخصية وتحقيق منافع خاصة.- إهدار ساعات العمل في الحديث المطول عبر التلفون أو الثرثرة مع الزملاء وتعطيل مصالح الناس.- الغياب والتأخير .- الخروج أثناء الدوام لإنهاء عمله الخاص ، إضافة إلى الغياب المتكرر بدون عذر مفتعلاً مبررات يتحايل بها على النظام ، ولا نغفل عن نقطة الحضور المتأخر والوصول إلى الدوام الساعة العاشرة صباحاً، ونادراً ما نجدهم داخل مكاتبهم بعد الساعة الثانية عشرة ظهراً ، هناك من يكون حضوره لمقر العمل لحظة التوقيع على الحضور والانصراف فقط .- تصل عدم المبالاة إلى قيام بعض الموظفين بتمرير العمل بأي صورة كانت من دون مراجعة وتدقيق وإخلاص أو المماطلة وتأخير العمل دون أسباب موضوعية .- تسريب معلومات ووثائق رسمية بحوزة الموظف واستخدامها بما يخالف القانون .لا يخفى إن ما تعانيه بلادنا من تخلف أحد أسبابه هو التسيب وعدم الالتزام الوظيفي، فمن عواقبه إغراق البلاد في الفساد وإهدار المال العام ، بالأخير يؤدي إلى غياب المساواة والعدالة بين الموظفين وتعطيل المصلحة العامة وإنفاق جزء كبير من رواتب الموظفين على غير مستحقيها .أدرك أننا لسنا ملائكة وكل فرد معرض للخطأ والتقصير في أداء واجبه لظروف طارئة ، لكن التهاون مع المتسيبين حوّل الأمر إلى ظاهرة لابد من الوقوف تجاهها ومعالجتها قبل استفحالها وتعزيز دور الرقابة لمتابعة المقصرين ومعاقبتهم بـ(اللـوم ، الإنـذارات ،والفصـــل عن الخدمــــة) فالمصلحة العامة تفوق مصلحة الموظف الذاتية ، بلا شك هذه الخطوة ستسهم في رفع مستوى الأداء وتحسن من كفاءة الموظف وانضباطه وتضمن الارتقاء بالعمل الجاد المثمر في خدمة الوطن والمواطن .في حين نرى البلدان الأكثر تقدماً توزع استمارات تقييم على المواطنين في المرافق الخدمية التي تتعامل مباشرةً مع الناس لتقييم مدى رضاهم عن الخدمة التي قدمها الموظف وتوضع في صناديق مخصصة ليطلع عليها المدير ، بذلك ترصد نسبة التسيب الوظيفي باعتباره معياراً ومؤشراً للتقدم والتنمية ، كلما ارتقت الخدمة التي يقدمها الموظف دل على التقدم ، وتدهورها يعد مؤشراً على تأخر الأمة وتخلفها .ألا تظنوا إن الشباب العاطل أولى بالوظائف من المتسيبين ؟!

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بحث عن التسيب الإداري - الفصل الأول

نظرية ابراهام ماسلو في الدافعية الانسانية